أفضل طرق التربية الصحيحة للاطفال
يقول جان جاك روسو في طرق التربية الصحيحة للاطفال ان أفضل الظروف لنمو الطفل هي البدائية الساذجة، حيث يجمع الطفل خبراته الحياتية بنفسه ويكوّن شخصيته ومعتقداته البسيطة وفق ما تهيأ له من ظروف بصورة عفوية.
قد تعجبنا هذا الفكرة ونفرح بها، فهي من جهة تعكس حرية الطفل في بناء واكتشاف عالمه الداخلي والخارجي، لكن إن أمعنّا النظر قليلاً سنجد أن الحياة الواقعية مختلفة عن عالم النظريات، لاسيما في مجتمعاتنا العربية.
فما هي طرق التربية الصحيحة للطفل دعونا نغوص أكثر في التفاصيل.
طرق التربية الصحيحة للاطفال
في الحقيقة إن الطفل ليس مطلق الحرية في بناء خبراته ومعتقداته، فهو يكتسبها من محيطه، ويتشرب خلاصة صدى سلوكيات أفراد عائلته، ومعتقداتهم وما يجاهرون به.
وفي رحلة تكوينه ينتقل الطفل بين العائلة والمجتمع ويميل لاكتساب الكثير من الأفكار والمعتقدات التي تثير اهتمامه وتجذب تركيزه.
وعلى الرغم من أن جميعها تشارك في تحديد ملامح شخصية الطفل وميوله إلا أنه لا شيء يضاهي الحب والحنان والاهتمام والتعاطف الذي يسقطه الأهل على الطفل في التأثير بشخصيته.
فالطفل بشكل فطري يسعى لإرضاء والديه وكسب المزيد من الحب والحنان والتوافق مع أفراد عائلته وبالتحديد مع أمه وأبيه.
وهنا تكمن الخطورة، حيث يربط بعض الأهل علاقتهم بالطفل وتصرفاته بمدى حبهم له على سبيل التربية، مما يجعل الطفل يضغط على نفسه ليتجنب غضب أهله ويتحاشى إزعاجهم، وفي هذه الحالة يشعر الطفل بقلة الأمان مما يسبب خلل في شخصيته.
وهذا يؤثر على سلوكيات الطفل بشكل كبير ويجعله غير قادر على المشاركة والتفاعل مع من حوله، سواء باللعب أو بتكوين علاقات اجتماعية سوية، وغالباً يسيطر على الطفل في هذه الحالة خوف من الفقدان للحب والحنان.
وقد يتطور الأمر معه في بعض الأحيان تدريجياً ليصبح عاجز عن اثبات ذاته وتحقيق استقلاليته، ما ندعوه علمياً بفقدان الهوية أو القيمة الذاتية.
فعندما يقوم الأهل بفرض رأيهم وسلوكياتهم من جهة وإحاطة الطفل بالحب والحنان من جهة أخرى، فإن هذا يجعل الطفل حائراً ومتخبطاً بين ازدواجية القبول والخضوع او الرفض والتمرد، حيث يصبح حائراً بين النزوع لبناء شخصية مستقلة وإثبات ذاته وبين القبول بما فُرض عليه.
وإن عدنا إلى ما قاله روسو فإننا سنجد أن الطفل لم يختر في هذه الحالة معتقداته بحرية ولم يكتشف العالم وفقاً لفطرته وإنما بالحقيقة قام ببناء شخصية ومعتقدات مرتبطة ارتباطاً تام بالترهيب والترغيب والثواب والعقاب.
أما عندما يحاصر الأهل أطفالهم بالحب اللامشروط، ويستطيعون التعامل معهم بحزم بعيداً عن ردود الأفعال الثائرة الغير محسوبة.
فإن الطفل في هذه الحالة يكون حراً نوعاً ما من الخوف والترهيب الشعوري ولكنه محكوم أيضاً بقواعد وقوانين معينة تحفظه من الأذى كأقل تقدير.
هنا أيضاً لا يمكننا القول أن الطفل يكتشف عالمه وحده ويبني معتقدات حرة ومستقلة، لأن الطفل إن شئنا أم أبينا يبني سلوكياته بالتقليد والقدوة ويميل للتجانس مع محيطه ليحصل أكثر على المزيد من الحب والرضى والقبول والاهتمام.
وفي المجمل والخلاصة يمكننا القول أن الطفل يبني شخصيته وينمو ويتطور تبعاً لأبويه، فكما يقول الكاتب ضياء أبو الحب في كتابه الطفولة السعيدة أن الأبوين هم المسؤولين عن طرق التربية الصحيحة للاطفال أو الغير صحيحة، حيث يولد الطفل بشغف وحماس للحياة والاكتشاف والتجريب دون قلق أو خوف أو تردد.
وإن ما يخلق لدى الطفل هذا النوع من الأفكار والمشاعر هم الأبوين تحديداً، عدا عن باقي افراد الأسرة، هم فقط من لديهم القدرة على التأثير في رحلة تطور ونمو طفلهم.
اقرأ أكثر عن: مخاطر ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال.
أمثلة تربوية ونتائجها على شخصية الطفل
أفضل طريقة لمعرفة طرق التربية الصحيحة للاطفال، هي البحث عن النتيجة في عالمنا الواقعي، حيث أن التربية مشروع قديم العهد، خضع للكثير من التقلبات والتغيرات على مدى العصور، وتعشب كثيراً بين البلدان والشعوب والطبقات الاجتماعية، وأصبح من السهل رؤية نتائج الأنظمة التربوية بسهولة، ومن أبرز الصفات التي تواجه الإنسان:
-
الانطوائية
وليد الطفل الأول لأم وأب يخافان عليه كثيراً ويمنعانه من اللعب مع الأطفال، ودائمي التحذير من الاختلاط بالزملاء والجيران، كما يبالغان في تهويل الحوادث كالسرقة والخداع والكذب أمامه.
كما يذكرانه دائماً ان أي مخالفة أو خطأ لرغبتهم تحرمه قطعاً من المصروف والتنزه والأشياء التي يحبها.
ومنه فإن وليد اليوم يمتلك شخصية ضعيفة تابعة انطوائية خجولة انعزالية وخائف دائماً وهو شخص يشعر بالعجز والميل للاستكانة.
-
الاستقلالية
رنيم طفلة ولدت لأسرة مكونة من اب وأم وأخ، يميل أهلها لدفعها دائماً للاكتشاف والتعلم، وتتيح أمها لها الحرية للسؤال والإجابة والنقاش واختيار الملابس التي تريد ارتداءها.
كما يجبرها والداها على تناول الطعام الموجود على المائدة بحزم ودائماً ما يذكرون أمام أطفالهم ضرورة الرعاية الصحية لأجسادهم والحفاظ على الصحة بتناول الغذاء الصحي وعدم الافراط في تناول السكر والمقرمشات.
تعلب رنيم مع أطفال الجيران مدة محددة يومياً يحددها الأبوين قبل خروج الطفلة وتلتزم رنيم بالوقت المحددة لأنها تعرف مدى أهمية الالتزام بالوقت والصدق في المواعيد.
إن تأخرت رنيم لسبب خارج عن إرادتها فإنها تعتذر ويقبل الأهل اعتذارها مقابل تحذير في المرة الأولى وعقوبة بسيطة في المرة الثانية مع التأكيد على الحب والحنان المتبادل بينهم.
يقوم والدا رنيم بإنشاء حوارات كثيرة مع أطفالهم اعتماداً على طرق التربية الصحيحة للاطفال في كل فرصة ويستمعون لأحاديثهم ويوجهون أطفالهم بكل حب.
رنيم طفلة قوية الشخصية واثقة من نفسها وصادقة، وهي اجتماعية ولديها الكثير من الصداقات والعلاقات الاجتماعية الجيدة.
كما انها طفلة ذكية ومتفوقة ولديها رأيها الذي تجاهر به دون خوف ولا تسمح لأي أحد بالتطاول عليها، كما أنها متعاطفة مع الجميع وتقدر الصداقة ومتسامحة مع من يخطئ بحقها في حال أنه اعترف بخطئه.
هكذا يمكننا المقارنة ومعرفة أن الطفل وعاء فارغ سيفيض بما يمتلئ به من قبل والديه، فكذلك الأمر بالنسبة للصفات الأخرى في أطفالكم سواء كانت إيجابية أو سلبية فهي مجرد انعكاس للطريقة التي عاملتم بها أطفالكم حرفياً.
اقرأ أيضاً: ما المقصود بالطفولة المبكرة
-
الكذب وقلة المسؤولية
محاسبة الطفل بشكل مفرط تجعله يكذب، كما انها تبني شخصية تواجه صعوبة في المرونة والتأقلم، وتوجه الأحكام دائماً وصعبة التسامح ولا تمتلك علاقات صداقة سوية.
أما إعطاء الطفل كل ما يريده دون قانون تجعله شخص غير مسؤول وأناني وهش، لأنه في النهاية لا يعيش في عالم مثالي والحياة لن تعطيه كل ما يريده، فهذا سيخلق لديه قلة الصبر وعدم الرضا الدائم وصعوبة في التحصيل العلمي لأنه لم يتعود على الانضباط.
وأيضاً بالنسبة لرواية الحكايات والقصص للطفل منذ نعومة أظافره ومحاورته وخلق أحاديث مسلية وممتعة معه تجعله شخصية إبداعية وقادرة على الابتكار وإيجاد الحلول وخلق علاقات صحية وسليمة.
-
العصبية والعند
أما بالنسبة للعصبية والشتم والغضب على أقل فعل يقوم به الطفل فإن هذا سيجعل الطفل قلقي ومتردد وصاحب شخصية ضعيفة يحب اخذ دور الضحية ويتعامل مع كل شيء بخوف، كما أنه سيكون بالطبع طفل عدواني وغير مؤدب ويبادر بالسوء مع زملائه لأنه اعتاد على عذا النوع من التعامل.
سنلاحظ أيضاً ان العائلات المتوازنة التي تميل للمرح والضحك والتسلية غالباً ما تخلق شخصيات منفتحة وواثقة ومقدمة على الحياة والإنجاز بشغف كبير وحنكة وذكاء.
حيث تقول بعض الدراسات أن الأطفال الأقل عرضة للعنف والخوف، أكثر ذكاء وذاكرتهم أفضل وقدرتهم على الربط والتحليل أكبر وأقوى.
وأنتم أي نوع من الأطفال أنشأتم، وأي نوع تريدون أن تخلقوا في هذا العالم، وبالنسبة لمن يتساءل عن العند فهذا الأمر لا يتعلق عموماً بالتربية.
إما هو أمر فطري لدى الأطفال ويعتلق ببناء شخصية مستقلة أما عن شدة العناد وتأثيراته على حياة الطفل وعلاقة الاهل به فقد توسعنا في الحديث عنها في مقالنا كيفية التعامل مع الطفل في عمر سنة ونصف.
الأسئلة الشائعة
من أكثر الأسئلة التي ترد حول طرق التربية الصحيحة للاطفال:
ما هي أسس التربية السليمة للأطفال؟
تقوم التربية السليمة على:
- احترام كيان الطفل واشباعه عاطفياً بالمحبة والحنان والعطف.
- وضع حدود وقواعد واضحة للتعامل مع الحياة وتطبيقها بحزم بعيداً عن العنف.
- تحمل المسؤولية وتدريب الطفل على حل مشاكله بنفسه وإيجاد حلول.
- تنمية الجانب الإبداعي لدى الطفل من خلال محاكاة خياله.
- ضبط الأخلاق والمبادئ بالمثل أي أن تكون مثله الأعلى بالتحدث والفعل.
ما هي علامات سوء التربية؟
من علامات سوء التربية التي تظهر على الطفل:
- الانطوائية والخمول.
- الحساسية الزائدة والبكاء لأقل تفصيل.
- عدم الثقة بالنفس.
- عدم المبادرة.
- الخوف الملازم للطفل.
- قلة التركيز وضعف الذاكرة.
ختاماً إن طرق التربية الحديثة للاطفال تعتمد على مبادئ أساسية تم إثبات فعاليتها من خلال الدراسات والتجارب. وتعتمد أيضاً هذه الطرق على الاحترام المتبادل، والتواصل الفعّال، والتوجيه البناء بدلاً من العقاب.
من خلال تطبيق هذه المبادئ، يمكن للآباء والأمهات بناء علاقات قوية مع أطفالهم تساعدهم على تنمية مهاراتهم الشخصية والاجتماعية.
أنا كأخصائية تربوية لا أؤمن بالتربية الإيجابية الموحدة التي يمكن تطبيقها على جميع الأطفال، وإنما فقط أؤمن بأن التعامل الواعي لبناء القيم والمبادئ هو الأولوية بالنسبة للمربي من التعامل المؤقت مع المواقف الآنية.
وأنتم ما رأيكم بالتربية الإيجابية، أو أساليب التربية الصحيحة، وما هي أسوء الصفات التي وجهتموها مع أطفالكم أخبرونا بها، وأيضاً أخبرونا هل عرفتم الآن أسبابها ودوركم فيها.
ولا تنسى الاطلاع أكثر على موضوعات إضافية مثل كيفية التعامل مع الطفل العدواني في عمر السنتين.