صحة الطفل

علامات التوحد عند الأطفال

التوحد عند الأطفال هو حالة معقدة تؤثر على تطور التواصل، والسلوك، والقدرة على التفاعل الاجتماعي.

ومع تزايد انتشار هذا الاضطراب عالميًا، أصبح من الضروري فهم طبيعته وأسبابه، وكذلك الأساليب المثلى للتعامل معه.

يمثل التوحد عالمًا خاصًا يختبر فيه الأطفال الحياة بطرق فريدة ومميزة، مما يتطلب منا كآباء ومعلمين وخبراء أن نقترب من هذا العالم بحب وصبر ومعرفة.

في هذه المقالة، سنستعرض اعراض وعلامات التوحد من زوايا متعددة تشمل التعريف العلمي، الأعراض، التشخيص المبكر، وأفضل الطرق لدعم الأطفال المصابين وأسرهم، مع تقديم نظرة شاملة تركز على التحديات والفرص التي يقدمها هذا العالم الخاص.

ما هو مرض التوحد؟

مرض التوحد، أو اضطراب طيف التوحد (ASD)، هو اضطراب نمائي عصبي يؤثر على الطريقة التي يتفاعل بها الفرد مع العالم من حوله.

سواء من حيث التواصل أو السلوك أو التفاعل الاجتماعي، إذ يظهر التوحد عادةً في المراحل المبكرة من الطفولة، وغالبًا ما يمكن ملاحظة العلامات الأولى قبل سن الثالثة.

يتميز هذا الاضطراب بطيف واسع من الأعراض والمظاهر التي تختلف في شدتها بين الأفراد، مما يعني أن كل طفل مصاب بالتوحد فريد من نوعه في تجربته وتحدياته.

تشمل الأعراض الشائعة للتوحد صعوبات في التواصل اللغوي وغير اللغوي، مثل تأخر الكلام أو استخدام اللغة بطرق غير عادية، فضلاً عن صعوبة فهم المشاعر أو قراءة تعبيرات الوجه.

كما يُظهر الأطفال المصابون بالتوحد أنماطًا متكررة ومحددة من السلوك، مثل الاهتمام المفرط بمواضيع معينة أو الانزعاج من التغيرات في الروتين.

على الرغم من أن السبب الدقيق للتوحد لا يزال غير معروف بشكل كامل، إلا أن الأبحاث تشير إلى وجود عوامل جينية وبيئية تلعب دورًا في ظهوره.

ومع تزايد الوعي بهذا الاضطراب، تتزايد أيضًا الجهود لفهمه بشكل أفضل وتقديم الدعم اللازم للأطفال المصابين به وأسرهم.

التوحد ليس مرضًا يحتاج إلى علاج بقدر ما هو طريقة مختلفة لرؤية العالم تتطلب الفهم والدعم لتمكين الأطفال من تحقيق إمكاناتهم.

أعراض التوحد عند الأطفال الرضع

تُعد مراقبة الأعراض المبكرة للتوحد عند الأطفال الرضع خطوة بالغة الأهمية، حيث تظهر العديد من العلامات الدالة على اضطراب طيف التوحد بشكل تدريجي خلال أول عامين من حياة الطفل.

فيما يلي تفصيل لكل عرض، مع شرح وبيان أهميته في تحديد التوحد:

1. عدم الاستجابة للأسماء

إذا بلغ الطفل عمر 6 إلى 12 شهرًا ولم يستجب عند مناداته باسمه، فقد يكون ذلك علامة على صعوبة في التواصل الاجتماعي.

عادةً يتجاوب الأطفال مع أصوات مألوفة، مثل أصوات الوالدين، من خلال الالتفات أو التعبير بتعابير وجه.

هذا العرض قد يُفسر أحيانًا بوجود مشكلات في السمع، لكنه في سياق التوحد يعكس نقصًا في الانتباه الاجتماعي أو الاستجابة للمثيرات الاجتماعية.

2. ضعف التواصل البصري

الأطفال الرضع عادةً يتفاعلون بالنظر إلى وجه الشخص الذي يتحدث إليهم، ويستخدمون التواصل البصري لفهم المشاعر والتواصل مع البيئة المحيطة.

في حالة التوحد، قد يتجنب الطفل الاتصال البصري أو يظهر تواصله محدودًا جدًا.

يشير ضعف التواصل البصري إلى صعوبة في بناء الروابط الاجتماعية، وهو أحد الأعراض الرئيسية للتوحد.

3. غياب تعبيرات الوجه المناسبة

الأطفال الرضع غالبًا ما يبتسمون كرد فعل للتعبير عن السعادة أو يتجاوبون بتعابير وجه معينة عند التفاعل مع الآخرين.

الطفل المصاب بالتوحد قد يظهر وجهًا خاليًا من التعبير أو يبتسم في مواقف غير مناسبة، ويوضح غياب هذه التعابير صعوبة في فهم المشاعر أو الاستجابة لها.

4. تأخر في المناغاة أو إصدار الأصوات

من الطبيعي أن يبدأ الأطفال في المناغاة وإصدار الأصوات البسيطة في عمر 3 إلى 6 أشهر. إذا تأخر الطفل في هذه المهارات، أو كانت أصواته قليلة وغير متكررة، فقد يكون ذلك علامة على التوحد.

ويُعد التواصل الصوتي علامة على تطوير اللغة. غيابه قد يشير إلى صعوبات في تطوير مهارات التواصل.

5. الافتقار إلى الإشارة أو الحركات التعبيرية

بحلول عمر 9 إلى 12 شهرًا، يبدأ الأطفال عادةً بالإشارة إلى الأشياء لجذب الانتباه أو للإشارة إلى احتياجاتهم، مثل الإشارة إلى لعبة أو شخص.

الأطفال المصابون بالتوحد قد يفتقرون إلى هذه المهارة تمامًا. والإشارة هي وسيلة للتواصل غير اللفظي، وغيابها يشير إلى تحديات في التواصل الأساسي.

6. التركيز المفرط أو التحديق الطويل

يميل بعض الأطفال المصابين بالتوحد إلى التركيز على أشياء معينة مثل دوران عجلة لعبة أو أضواء لامعة.

هذا النوع من السلوك يُظهر تفضيلًا للتفاصيل بدلًا من استكشاف البيئة بشكل أوسع.

السلوك المتكرر والمحدود من العلامات البارزة في التوحد، حيث يشير إلى تقييد في نطاق الاهتمامات.

7. تأخر المهارات الحركية الدقيقة

قد يُظهر الطفل تأخرًا في استخدام يديه للإمساك بالألعاب أو الزحف أو الجلوس. في بعض الحالات، قد تظهر هذه المهارات ولكن تُنفذ بطرق غير عادية، مثل زحف غير متوازن.

تشير هذه العلامة إلى اضطرابات في النمو العصبي التي قد ترتبط بالتوحد.

8. السلوكيات التكرارية

الأطفال المصابون بالتوحد قد يكررون حركات معينة مثل رفرفة اليدين، التأرجح، أو تدوير الألعاب بشكل مستمر.

تُعد السلوكيات المتكررة من المؤشرات الرئيسية للتوحد وتُظهر صعوبة في المرونة السلوكية.

9. الحساسية المفرطة أو المنخفضة للمؤثرات

يظهر بعض الأطفال استجابات غير عادية للمؤثرات الحسية، مثل البكاء الشديد بسبب صوت عالٍ أو عدم الاستجابة للمس أو العناق.

يشير هذا إلى اختلاف في معالجة المعلومات الحسية، وهي سمة شائعة لدى الأطفال المصابين بالتوحد.

10. عدم الاهتمام بالتفاعل الاجتماعي

الطفل المصاب بالتوحد قد يبدو غير مهتم باللعب مع الآخرين أو قد لا يظهر فرحة عند التفاعل معه، هذا العرض هو مؤشر قوي على صعوبات في بناء العلاقات الاجتماعية والتفاعل مع البيئة.

أعراض التوحد عند الأطفال الأكبر سنًا

حين يكبر الطفل أكثر تصبح هذه الأعراض اكثر وضوحاً واولها:

  • صعوبات التفاعل الاجتماعي: حيث يتجنب الطفل التواصل البصري، ويجد صعوبة في تكوين صداقات أو التفاعل مع أقرانهم، كما يجد صعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية مثل تعابير الوجه ولغة الجسد.
  • أنماط تواصل غير طبيعية: مثل الحديث المفرط عن موضوع واحد بشكل متكرر، أو صعوبة في بدء المحادثات أو الحفاظ عليها، وأيضاً استخدام لغة رسمية أو غير مرنة بشكل غير متناسب مع العمر.
  • السلوكيات التكرارية: وهي من ابرز الأعراض كتكرار حركات معينة مثل التأرجح أو رفرفة اليدين، وترتيب الأشياء بشكل مفرط أو التعلق بروتين معين ورفض تغييره.
  • حساسية غير طبيعية للمؤثرات الحسية: يعاني الأطفال المصابين بالتوحد من حساسية مفرطة للأصوات، مثل الضوضاء العالية، إلى جانب قلة الاستجابة للمس أو الانزعاج الشديد من ملامسة بعض المواد.

هذه الأعراض تستدعي مراقبة دقيقة واستشارة مختص لضمان التدخل المبكر وتوفير الدعم اللازم.

علامات التوحد عند الأطفال عمر سنة ونصف

في عمر السنة ونصف تظهر على الأطفال اعراض مثل:

  1. عدم الاستجابة عند مناداته باسمه.
  2. قلة التواصل البصري، مثل عدم التحديق في وجه الأم أو الأب.
  3. عدم الإشارة إلى الأشياء التي يريدها أو يحتاجها.
  4. تأخر في الكلام أو عدم استخدام كلمات بسيطة مثل “ماما” أو “بابا”.
  5. عدم تقليد الحركات أو الأصوات التي يصدرها الآخرون.
  6. اللعب بالألعاب بطرق غير عادية، مثل تدوير العجلات بدلًا من استخدامها في اللعب.
  7. الانزعاج من التغيرات في الروتين اليومي أو البيئة المحيطة.
  8. ظهور حركات متكررة، مثل رفرفة اليدين أو التأرجح.

إذا لاحظت هذه العلامات، يُفضل استشارة طبيب متخصص لتقييم الطفل بشكل دقيق.

كيفية التأكد من إصابة الطفل بالتوحد

التأكد من إصابة الطفل بالتوحد يتطلب عملية تقييم شاملة ومنهجية متعددة الجوانب تشمل المراقبة السلوكية، التقييمات الطبية، والاستعانة بالاختبارات المتخصصة.

نظرًا لأن أعراض التوحد تختلف من طفل لآخر في شدتها ونمطها، فإن التشخيص يعتمد على عدة خطوات رئيسية:

1. مراقبة سلوك الطفل

تبدأ عملية التشخيص بمراقبة الأهل لسلوك الطفل في بيئته اليومية. يتم التركيز على علامات مثل تأخر في الكلام، تجنب التواصل البصري، أو السلوكيات التكرارية.

وتسجيل هذه الملاحظات يمكن أن يساعد الطبيب في فهم مدى التأثير على الحياة اليومية.

2. استشارة طبيب الأطفال

يتم البدء عادةً باستشارة طبيب أطفال متخصص في النمو أو اضطرابات الطفولة. الطبيب سيطرح أسئلة تفصيلية عن تاريخ الطفل الطبي والإنمائي.

ويُجري فحصًا جسديًا شاملًا لاستبعاد الحالات الطبية الأخرى التي قد تُسبب أعراضًا مشابهة، مثل مشكلات السمع أو الاضطرابات العصبية.

3. استخدام أدوات التقييم المعيارية

هناك أدوات واختبارات معيارية تُستخدم لتقييم التوحد، مثل:

  • قائمة مراجعة السلوكيات عند الأطفال (M-CHAT): أداة فحص مبكرة للأطفال بعمر 16 إلى 30 شهرًا، تتضمن أسئلة بسيطة للأهل.
  • مقياس التوحد التشخيصي (ADOS): اختبار أكثر تفصيلًا يتم إجراؤه من قبل متخصص لتقييم التفاعل الاجتماعي، واللعب، والتواصل.
  • مقاييس تقييم التوحد عند الأطفال (CARS): تُستخدم لتحديد شدة الأعراض.

4. التقييم من قبل فريق متعدد التخصصات

عادةً ما يشمل التقييم المتقدم فريقًا يضم أخصائيين مثل أطباء الأعصاب، أطباء نفسيين، معالجين سلوكيين، وأخصائيين نطق.

هذا النهج الشامل يضمن التحقق من كل جوانب التطور لدى الطفل، بما في ذلك المهارات الاجتماعية، اللغوية، والحركية.

5. الملاحظة المباشرة

يقوم الأخصائيون بمراقبة الطفل مباشرةً أثناء اللعب أو التفاعل مع الآخرين. يتم تقييم كيفية تعامله مع الأنشطة المختلفة، وكيف يستجيب للتواصل، والتغيرات في الروتين.

6. إجراء الاختبارات الجينية أو الطبية الأخرى

قد يوصي الأطباء بإجراء اختبارات جينية، مثل تحليل الكروموسومات، لاستبعاد الاضطرابات الوراثية المرتبطة بالتوحد، مثل متلازمة الكروموسوم X الهش.

7. التأكد من استمرارية الأعراض

أحد المعايير الأساسية للتشخيص هو أن الأعراض يجب أن تكون مستمرة منذ الطفولة المبكرة وتؤثر على الحياة اليومية. الأعراض العابرة أو التي تتغير بسرعة قد تشير إلى حالة أخرى.

8. الحصول على تقرير تشخيص رسمي

بعد اكتمال عملية التقييم، يقوم الأطباء والمتخصصون بإعداد تقرير شامل يحدد ما إذا كان الطفل مصابًا بالتوحد.

التقرير أيضاً يوضح نقاط القوة والتحديات لدى الطفل ويقدم توصيات للتدخل والعلاج.

أهمية التشخيص المبكر

التدخل المبكر هو المفتاح لتحسين فرص الطفل في تطوير مهارات التواصل والتفاعل. إذا ظهرت هذه الأعراض أو بعضها، يُنصح باللجوء إلى طبيب مختص في النمو أو أخصائي اضطرابات طيف التوحد لإجراء التقييم المناسب. التشخيص المبكر والتدخل العلاجي يمكن أن يُحدثا فرقًا كبيرًا في مسار النمو لدى الطفل.

كلما تم التأكد من إصابة الطفل بالتوحد في سن مبكرة، كان من الممكن البدء في التدخلات العلاجية المناسبة، مثل العلاج السلوكي واللغة، مما يساعد في تحسين التفاعل الاجتماعي والمهارات اليومية بشكل كبير.

الأسئلة الشائعة

من أبرز الأسئلة حول التوحد عند الأطفال

كيف نعرف أن الطفل مصاب بالتوحد؟
يمكن ملاحظة علامات الإصابة بالتوحد عند الأطفال من خلال بعض السلوكيات والتطورات التي قد تكون غير طبيعية مقارنة بأقرانهم، مثل:
1. تأخر في الكلام أو عدم وجود لغة تواصلية.
2. تكرار الأنشطة أو اللعب بأشياء بطريقة متكررة وغير طبيعية.
3. تجنب التفاعل مع الآخرين أو قلة الاهتمام باللعب مع الأطفال الآخرين.
4. الحركات المتكررة مثل هز اليدين، أو التمايل بالجسم بشكل متكرر.
5. استجابة مفرطة أو قليلة للمثيرات الحسية مثل الأصوات، الأضواء أو الملمس.

متى تظهر أعراض التوحد؟
تظهر أعراض التوحد غالباً بين عمر 12 و18 شهرًا.

ما هي العلاجات المتوفرة للتوحد ؟
من أبرز العلاجات المتوفرة للتوحد:
1. العلاج السلوكي.
2. الدعم الأسري.
3. الأدوية حسب الحاجة.

هل يمكن الوقاية من التوحد؟
لا يمكن الوقاية من التوحد للأسف بشكل كامل، لكن التدخل المبكر يساعد دائما في نتائج أفضل.

هل التوحد وراثي؟
لا، لا يعتبر التوحد مرض وراثي، لكن العوامل الجينية تلعب دورًا كبيرًا في الإصابة.

هل يمكن الشفاء من التوحد؟
حتى الآن، لا يوجد علاج نهائي للتوحد. ومع ذلك، يمكن للتدخلات المبكرة أن تحسن مهارات التواصل والسلوك بشكل ملحوظ.

إلى هنا نكون قد اتممنا ما أردنا الحديث عنه حول التوحد عند الأطفال، أتمنى أن يكون هذا دليلاً لكم لتتمكنوا من معرفة والتأكد من حالة أطفالكم. تابعوا معنا المقالات القادمة التي سنتحدث فيها بالتفصيل عن كيفية التعامل مع طفل التوحد.

وهناك أيضاً موضوعات أخرى تخص صحة أطفالكم يمكننا ان نطلعكم عليها:

التعامل مع التخلف العقلي عند الأطفال.
اعراض وعلاج الشلل الدماغي عند الأطفال.
بالتفصيل متى يكون ارتفاع درجة الحرارة خطير عند الأطفال.

Dr. Salma Mahmoud

دكتورة ومعالجة نفسية واخصائية تربوية، خريجة كلية الآداب قسم الارشاد النفسي، حاصلة على شهادة الماجستير بالتعامل مع الأطفال من عمر يوم إلى عمر ثلاث سنوات، وشهادة الدكتوراه في الأساليب التربوية الحديثة. تجيد انشاء المحتوى العميق الذي يجيب بشكل علمي ودقيق حسب أحدث الدراسات عن المشكلات التي تواجه الاهل، وتقدم استشارات تربوية دقيقة للأمهات والآباء للتعامل مع أطفالهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

ADblock Detected

يرجى اغلاق حاجب الإعلانات